مقدمة
يشهد العالم في مستهل الألفية الثالثة تحولا جذريا يعود إلى مجموعة من المؤثرات الكليـة و الجزئيـة، لعل أهم محاور هذا التحول تجسد في توجه الاقتصاد العالمي نحو استثمار المعرفة، في ظل هذا الاقتصاد صارت المؤسسات أكثر استيعابا واستخداما للمعرفة بفعل التغيرات التي توفر فرصا غير مسبوقة في المجالات الاقتصادية من جهة، ومن جهة ثانية تزايد حدة المنافسة، وهو ما تبين للإدارة المعاصرة تحت ضغوط التحولات أنها بحاجة إلى تطوير أساليبها وتحديث منتجاتها وخدماتها، وتنميتها وتوظيفها في أهم عملياتها وتحديثها و التعلم من نتائج استخدامها، باستخدام مؤشرات لتقييم الأداء الكمية وغير الكمية.
حدث التحول الكبير نحو اقتصاد المعرفة و الذي اخترق المؤسسة بأسرها، وكان التحدي التالي هو تعلم العمل من خلال فرق وظيفية، وعمليات متصلة بالعملاء وأخرى بالموردين، مع الأخذ بعين الاعتبار الأطراف أصحاب المصلحة. إن توسع منظور العمليات قد بلغ مداه، ولن يساعد التفكير التقليدي على فهم الشبكات والنظم المعقدة، مما يتعين التفكير في الأشياء بصورة مختلفة و إيجاد أدوات جديدة للتعامل مع هذا المستوى التالي من التعقيد، يقوم على تقييم الأداء بصور كلية ومتكاملة.
لقد كان حجم التحول الذي حدث في الفكر الإداري في عقد التسعينات من القرن الماضي أكبر كثيرا من أي شيء شهده عالم الأعمال منذ الثورة الصناعية… إنه كبير لدرجة تؤهله لأن يكون تحولا حقيقيا في النموذج و الذي يعرفه توماس كوهن بأنه خروج راديكالي على الأسلوب المتعارف عليه لأداء الأشياء فهو يؤسس تقليدا جديدا، ويرى منظر المعرفة ماكس بواسوت أن التحول إلى اقتصـاد معتمـد علـى المعرفـة والمعلومات هو الدافع المحرك للتطور على مستوى النوع لتقنيات الإدارة يعادل تطور الزراعة و بزوغ العصر الصناعي.
لقد حدث تطوران هامان في الإدارة الحديثة قبل حلول القرن الواحد و العشرون، الأول كان نشأة المحاسبة الحديثة أثناء عصر النهضة، و كان اختراع مفهوم النتيجة النهائية المالية للأعمال هو الدافع و المحرك لإنجاز القرار في مجال الأعمال خلال القرون الخمسة الماضية، أما التطور الثاني فقد كان قيام الثورة الصناعية وما ارتبط بها من ظهور الآلة والذي سيطر على الفكر الإداري من أواخر 1700 إلى 1930. بالتوازي مع هذه التحولات والتطورات شهدت للمؤسسة الاقتصادية الجزائرية عديد التحولات هيكليا وتنظيميا أثر على أدائها في ضوء المحيط المتجدد والأدوار المستحدثة مما أجبرها على تبني أدوات تسيير تستجيب لمتطلبات هذه الأدوار… لكن هذه البدائل لم تحقق لها الفعالية والكفاءة المطلوبين لا سيما في ظل متطلبات البيئة الجديدة.
إن تطور المؤسسات الاقتصادية، و غير الاقتصادية الجزائرية على غرار مؤسسات التعليم العالي يحتم عليها الأخذ بمفاهيم التسيير الحديث القائم على إدارة الأداء وقياسه لضمان النتائج التي تمكن من اكتساب الميزات التنافسية بشكل متواصل في ظل المحيط الجديد القائم على المعرفة إنتاجا و استخداما.
أهداف البحث العلمي والتطوير التكنولوجي:
تنبع أهداف البحث العلمي بدايتا من القضايا المعاصرة التي يعالجها و المرتبطة بأداء المؤسسات و تسييرها في ضوء الفرص التي يمنحا المحيط، وكيفية استثمارها في المؤسسات الجزائرية، و أهمية تقييم الأداء التنظيمي في تكوين مصادر تنافسيتها، وبناءا على ذلك أصبحت تنمية الأصول البشرية عاملا بالغ الأهمية في تعزيز القدرات التنافسية للمنظمات، كما تم اعتبار مداخل الاستثمار البشري والتعلم التنظيمي و تنمية القدرات الإبداعية كأهم متغيرات الاقتصاد المعرفي وبناءا على ذلك تجسدت أهداف البحث ضمن إنتاج معارف جديدة لكون “العلم قبل كل شيء نشاط موجه لمعرفة الواقع، هدفه الأول تعميق معرفة هذا الواقع” فجاء المخبر ضمن أهداف تصنيفية تفسيرية (جمع وترتيب عدة ظواهر وفقا لمقاييس، ثم إقامة علاقات بين هذه الظواهر) ويقوم هذا الإنتاج على تحقيق الغايات الآتية:
- تحليل و تفسير مظاهر و مؤشرات المحيط الجديد و الملقي بآثاره على المؤسسات الاقتصادية في أدائها، تنافسيتها وأبعادها الإستراتيجية
- تكوين المزيج الصحيح من تقنيات الإدارة الحديثة لبناء الأصول الذكية و التنسيق بين الكفاءات الفردية و الجماعية لإبراز كفاءات تنظيمية تسمح للمؤسسة بالتعلم المستدام.
- بناء معايير كمية و نوعية لقياس الأداء التنظيمي للمؤسسة الجزائرية بغرض تصحيح الانحرافات و/ أو التحسين المستمر للكفاءات المحورية.
- الوقوف عند إمكانيات المؤسسات الجزائرية و مؤهلاتها للتعامل مع اقتصاد المعرفة.
- تقديم بدائل تسيير المؤسسات الاقتصادية الجزائرية وفق خصائصها من جهة ومتطلبات البيئة المحلية والعالمية من جهة ثانية، بحيث تضمن الاستفادة من فرصه وتقليص تهديداته.
المواضيع المراد دراستها في المخبر:
كان للمتغيرات الاقتصادية و التقنية في العقود القليلة الماضية تأثيراتها في إقامة نظام الأعمال العالمي الجديد الذي كرس التنافسية باعتبارها الآلية الأساسية لمنظمات الأعمال المعاصرة في حربها لاقتناص الفرص و غزو الأسواق في مختلف دول العالم و السيطرة عليها لتحقيق أهدافها في الأرباح والنمو. وتشكل التنافسية تحديا متزايد الخطورة يتطلب من المؤسسات المعاصرة مراجعة شاملة لأوضاعها التنظيمية وقدراتها الإنتاجية وأساليبها التسويقية، وإعادة هيكلة وترتيب تلك الأوضاع، وتفعيل استثمار ما لديها من الموارد بهدف بناء وتنمية قدراتها التنافسية بما يواكب الضغوط المتزايدة من المنافسين، في سبيل تطوير أوضاعها وإعادة تكوين قدراتها التنافسية، تعمد المؤسسات إلى مراجعة مواردها وتقييمها من حيث الكم والنوع، وكذا تقييم مدى كفاءة وفعالية توظيفها في عملياتها، فبدون معايير التقييم يتعذر قياس ما تحقق فعلا، ومقارنته بما كان ينبغي تحقيقه، وهذه المعايير لا يمكن نقلها أو تسويقهـا، وإنما يتم التوصل إليها بالبحث وتوظيف النظريات والنماذج التي يتم التوصل إليها، ومن ثم توصيلها لمن تهمهم هذه العملية، ومنه تشكلت أهم مواضيع المخبر التي تبحث في ماهية متطلبات التسيير الحديثة لخلق تنافسية المؤسسات، وفرص تطويرها بناءا على مؤشرات قياس الأداء الكمية وغير الكمية التي تخلق اليقظة البيئية… وجاءت على النحو التالي:
فرقة البحث 01: الأطر النظرية والتطبيقية للإدارة الحديثة وقياس الأداءالأهداف العامة: تهدف الفرقة إلى البحث في الأطر النظرية والتطبيقية للإدارة الحديثة وقياس الأداء، بالوقوف على أهم الدراسات والبحوث الأكاديمية والميدانية في هذين المجالين وما طرأ من مفاهيم جديدة بغية رسم خريطة طريق المخبر وبالتالي لبقية فرق البحث.
الأسس العلمية البيبيوغرافي، تبويب و تصنيف المعلومات، دليل البحثالكلمات المفتاحية: تنافسية المؤسسات، كفاءات المؤسسة، اقتصاد المعرفة، قياس الأداء، الحوكمة.
فرقة البحث 02: تنمية الكفاءات و استثمار القدرات لتحسين الميزة التنافسيةالأهداف العامة: يهدف عمل هذه الفرقة إلى تحديد سبل و أليات تنمية الكفاءات والاستثمار في القدرات من أجل تعزيز الميزة التنافسية للمؤسسات بشكل يمكنها من البقاء و المنافسة ، و أداء رسالتها في ظل سياسة الانفتاح الاقتصادي على الأسواق العالمية والتحول نحو الاقتصاد القائم على المعرفة.
الأسس العلمية: الموارد و القدرات المحورية للمؤسسة، استثمار القدرات لخلق قيمة، تنمية الميزة التنافسية في ظل اقتصاد المعرفة
الكلمات المفتاحية: كفاءات المؤسسة، تنمية الكفاءات ،الميزة التنافسية ، اقتصاد المعرفة ، استثمار رأس مال البشري ، الإبداع، الابتكار ، القدرة الإنتاجية،،القدرة التنافسية.
فرقة البحث 03: إدارة و تقييم أداء المؤسسات غير الربحية لتحقيق الجودةالأهداف العامة: إن دور المؤسسات لا سيما غير الربحية منها، في إطارها الـكلي صار يأخذ أبعادا أكثر أهمية في إطار تحولات الاقتصاد العالمي وصارت تمثل أهم مؤشرات التنمية في ظل التفاعل المستمر بينها وبين محيطها الذي تنشط فيه، هذا الأخير الذي صار يطرح باستمرار تحديات تنافسية تتطلب قدرات تكيفية للاستفادة من فرصه في ضوء التوجه بالجودة على حساب السعر، مما تطلب إقامة نظم لإدارة الجودة يتيح تحليل متطلبات الزبون وتحديد كافة العمليات الإنتاجية والمساعدة التي تضمن الحصول على المنتج بالمواصفات المطلوبة ويجعل كافة العمليات فيها تحت المراقبة والضبط، إضافة إلى ذلك فإن مثل هذا النظام لإدارة الجودة، يجب أن يقدم التحسينات المستمرة التي تؤدي إلى تطوير المنتجات والعمليات، وصولا إلى الجودة الكلية التي تستهدف إحداث تغيير و تطوير على مستوى المنظمة ككل وليس على مستوى منتج من المنتجات أو على مستوى وحدة من الوحدات التنظيمية.
الأسس العلمية: الجودة: الأدوات وأبعاد تنمية أداء المؤسسات، معايير التقييس العالمية و الجودة الشاملة: أي تكامل ؟، إدارة الجودة الشاملة في مؤسسات التـعليم العالي و المؤسسات غير الربحية في الجزائر، التجارب العالمية في إدارة الجودة الشاملة لتنمية أداء المؤسسات، الكلمات المفتاحية: الإدارة والتنظيم ، الجودة، ستة سيجما، الأداء المتوازن، اقتصاد المعرفة، قياس الأداء، الحوكمة، جودة التعليم العالي، إدارة الجودة الشاملة. فرقة البحث 04: إدارة المؤسسات الصغيرة و المتوسطة و تقييم أدائهاالأهداف العامة: التطورات الراهنة في الاقتصاد العالمي إلى تزايد ظاهرة الاعتماد الاقتصادي المتبادل ، لمسنا فيها تطور المؤسسات الاقتصادية وهذا بفضل التوسع في التدفقات البشرية التجارية والمالية الدولية ، وكذا التقدم الغير العادي في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات مما عزز من دور تلك المؤسسات باعتبارها محور تقدم و رخاء الدول. وإن المتتبع لتركيبة هذه المؤسسات يجد أن غالبيتها هي مؤسسات صغيرة ومتوسطة، ولعل هذا ليس غريبا ما دامت هذه المؤسسات تتوفر على ميزات جد هامة في إمكانية استمرارها وتطورها. إن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة هي أفضل الوسائل للإنعاش الاقتصادي نظرا لسهولة تكيفـها ومرونتها التي تجعلها قادرة على الجمع بين التنمية الاقتصادية وتوفير مناصب الشغل وجلب الثروة، فهي إلى جانب المؤسسات الكبيرة بإمكانها رفع تحديات التنافسية والتنمية وغزو الأسواق الخارجية. إن هذا الدور التنموي للمؤســـسات الصغيــرة والمتوسطة جعل الكثير من الـدول تأخذ بـها وتجعلها من أولويات برامجها واستراتيجياتها التنموية لاسيما منها دول شرق أوربا وجنوب شرق آسيا، وعلى غرارها كرست الجزائر هذا الاتجاه في ظل تحولاتها الكبرى نحو اقتصاد السوق.غير أنه لا زال هذا القطاع هشا ومعرضا للعديد من الضغوطات التي لا تزال تعرقل تنميته، مما يقلل من فعاليته والدور التنموي المنوط به في ضوء خصوصيات هذا النوع من المؤسسات التي تتطلب أدوات إدارية خاصة بها و تقنيات لتقييم الداء دورية ومتوازنة.
الأسس العلمية: الإطار التنظيمي للمؤسسات الصغـيرة والمتوسطة في الجزائر، المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في ظل تحولات الاقتصاد الجزائري: موجبات لإدارة وتقييم الأداء، آفاق المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في إنعاش الاقتصاد الجزائري (المداخل الاستراتيجية).، الكلمات المفتاحية: الإدارة والتنظيم،تنافسية المؤسسات، الإبداع والابتكار، كفاءات المؤسسة،المشاريع الصغيرة و المتوسطة،قياس الأداء،الميزة التنافسية،تقييم المشاريع.